في ظهر أحد الأيام آواخر شعبان عام 1433 هـ , 2012 م كنت أصلى كالعادة في مسجد نور الهدى المعروف بمسجد ( انا ويرر) نسبة إلى الشيخ الذي أسس المسجد, فوجئنا بوجود إخوة لنا من اليمن قدموا إلى هرجيسا للدعوة و الإرشاد. بعد الصلاة قام أحدهم لكي يعضنا و معه مترجم شيخ صومالي يترجم كلامه للعامة, و حالما أنهى الوعظ ذهبت للسلام على أكبر هؤلاء الشيوخ سنا و كان بشوش الوجه من مدينة الحديدة, و بالمصادفة كان معي ابن خالتي الصغير و هو بدوره يعود أصله للزبيدين من الحديدة ففرح به الشيخ إبراهيم و قربه إليه و أخبرنا أنهم سيبقون معنا ضيوفا لمدة يومين يدورون على البيوت للوعظ و الدعوة إلى الله من منطلق مبدأ ( و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ).
و كان مما ذكره الشيخ لنا قصة نملة سليمان عليه السلام و كيف أنها كانت مصلحة ناصحة لقومها فخلد ذكرها في التاريخ, و من هنا قسم الناس إلى أربعة: 1. صالح 2- مصلح 3- فاسد 4- مفسد. فأثنى على المصلين و طلب منهم ألا يبقوا صالحين فقط و لكن أن يمتد أثرهم ليكونوا مصلحين في المجتمع. قال تعالى (( و ما كان ربك مهلك القرى بظلم و أهلها مصلحون )) فالقرى وإن كان فيها ظلم لا تهلك إذا قام فيها المصلحون بما يجب عليهم من الدعوة والعمل لله .. فإذا غلب على القرية الإصلاح حفظها الله من العقوبات الدنيوية .. بفضله ومنه سبحانه .
وقال تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن اللذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ). و ودعنا الشيخ إبراهيم بمقولة عجيبة و تشبيه رائع حين قال (( نحن كما المهاجرين أتينا لزيارتكم , فكونوا لنا كالأنصار )).
عدت للمنزل و كلمة الشيخ إبراهيم تتردد على مسامعي و مضى الوقت حتى صلينا المغرب و بعد الصلاة و انتهاء الوعظ و بعدما صلينا السنة جلست أنا و ابن خالتي أكرم نقرأ بعضا من آيات الذكر الحكيم و خاصة سورة ياسين التي كانت عادة لدى جدتي رحمها الله كانت لا تفارق مصلاها بين المغرب و العشاء و تقرأ سورة ياسين و كلما ذهبت للوطن أتذكرها فأعمل بما كانت تعمل به. و بينما نحن نقرأ القرآن قدم علينا أحد الشيوخ اليمنين من نفس الجماعة فعرف بنفسه و قال اسمي : علي محمد من ذمار, عسكري يمني خارج للدعوة الإسلامية, و شاركني قصة بداية انضمامه لجماعة التبيلغ فقد كان من سكان السودان مع والده التاجر في منتصف السبعينات من القرن الماضي في قرية تبعد 50 كلم عن واد مدني. فذكر لنا أنه قابل هناك الشيخ إسماعيل الصومالي و الذي كان مترجما لمجموعة من دعاة الباكستان عام 1976 م. و لما انتهوا من الوعظ و طلبوا التبرع للخروج معهم لم يرفع أحد يده إلا محدثنا و كان حينها فتى يافعا, و الشيخ إسماعيل هو رئيس جماعة الدعوة في هرجيسا حيث يجتمع الكثيرون من الدعاة سنويا قبل رمضان تقريبا حوالي ال 20,000 داعية و بعدها ينتشرون في إفريقيا و العالم تزامنا مع شهر رمضان الفضيل. و حينما علم أنني قدمت من السعودية أخبرني أن الجماعة كانت تمارس نشاطها بحرية في الدعوة و التبيلغ في السعودية حتى حادثة جهيمان عام 1979م.
و حكي لي أيضا عن أولاده و كيف زوجهم و هم صغار و زوج بناته و شجعني على الزواج من حافظة للقرآن و التعجيل بالزواج , و التم حولنا بعض الشباب و كان كلما تكلم الشيخ بحديث أستأذن منه لكي أترجم لهؤلاء الشباب و الصغار كلام الشيخ باللغة الصومالية و حينما أخبرتهم كيف أن الشيخ زوج عياله مبكرا و زوج بناته و أنه يعتبرها مسئوليته هنئوه بحرارة و كانوا يرددون ماشاء الله ما شاء الله و كان من ضمن الحضور شاب سأله الشيخ عن اسمه فقال محمد وتردد و انتظر برهة من الزمن و كأنه يفكر باسم أبيه فقال له الشيخ: أنت مش عارف اسم أبوك ؟ و ضحك الصغار و بعدها أكمل الشاب اسمه و قال اسمي : محمد مٌحمد ( بضم الميم) آدم.
و بعد صلاة العشاء و لما هممت بالوقوف وجدت خلفي مباشرة الشيخ اليمني علي محمد و عرفني على الشيخ السيد محمد و هو شيخ صومالي و كان من سكان السعودية سابقا و كان يشرب الشاي من بوفية المرحوم عمر قهير في الثقبة, فسألني عنه و عن أخباره و لم يكن يعلم بوفاته رحمه الله و تأثر للخبر, هذه البوفية لها ذكرى خاصة عندي فأذكر أنني اشتريت منها قبل سنتين تذكرة دالو للطيران فالناس اعتادوا على شراء سندويش فلافل أو كبدة من البوفية و لكننا تطورنا لدرجة بيع تذاكر طيران من خلال البوفية.
المهم شد الشيخ اليماني على يدي بقوة و هو يقدمني للشيخ السيد محمد و قال له: امسك بالأخ عواله فإنه بإذن الله سيفتح الله على يديه البرازيل و الأرجنتين بالدعوة إلى الله فهو متعلم و مثقف و يعرف اللغات و بقليل من العلم الشرعي يستطيع الخروج في سبيل الله و الدعوة إلى الإسلام. و كان بجواري ابن خالتي الصغير و التفت إليه و قال: و هذا الصغير سوف يفتح كوبا بإذن الله , و حاول إقناعي بالخروج لأحد المساجد في المدينة لمدة 3 أيام بداية رمضان و مع الوقت سأستطيع الخروج لمدة 40 يوما إلى الهند أو الباكستان ثم أكون مؤهلا للعالمية و فتح البرازيل و الأرجنتين. و عدتهم بالتفكير في الموضوع و أعطيتهم رقمي ..
على صعيد آخر بعد انتهاء صلاة العشاء وقف الشاب الذي كان مهتما بكلام الشيخ ( محمد مُحمد آدم) و قال للمصلين: السلام عليكم ....ثم سكت برهة من الزمن و أنظار المصلين مشددوة له, فقال له بعضهم: إما أن تتكلم أو اقعد و قال آخرون ( يبدو أنه مريض عافاه الله) , فتحدث أخيرا و قال: إنني أريد الخروج في سبيل الله مع الشيوخ اليمنين فاجمعوا لي مصاريف الخروج , و ضحك الجميع ثم قالوا له: اجلس اجلس بارك الله فيك ...
لا أعلم لماذا دائما يستوقفني دعاة التبليغ دائما عندما أذهب لأرض الوطن فيأتون لي و حينما أسألهم لماذا أنا بالذات: يقولون إن في وجهك نورا! و في أحيان أفكر جديا بالخروج فما أحلى أن تدعوا في سبيل الله و تفتح البرازيل و الأرجنتين و لعلني أوافق عام 2014 فأدعوا للإسلام من جهة و أشاهد بعضا من مبارات كأس العالم من جهة أخرى لووول فنكسب الدنيا و الآخرة, و حينما أحكي لجدتي عن عروضهم تقول لي: لست ولدي إن خرجت معهم ههههه, لا أعلم لماذا لا تحب هؤلاء القوم و كأنهم سيخطفونني على الأقل هذا ما تعتقده جدتي..
آخيرا أتسآل هل سيأتي يوم و تصبح فيه بلاد السامبا و بلاد بيليه و روماريو و رونالدو و رونالدينهو و ريفالدو بلاداً ذات أغلبية مسلمة؟ و هل تتحقق رؤية الشيخ في أن أساهم في فتح هذه البلاد؟ و من منا لا يود أن يهدي الله به و لو رجلا واحدا فكما قال عليه الصلاة و السلام (( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم )) أو كما قال عليه الصلاة و السلام ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق